خرخرة

 خرخرة

اعتقدت انها مزحة أن يكون أمر تنسيبي  معنون لهذا المكان..

أفضل موضع لجندي محظوظ يمكن أن يؤدي فيه خدمة العلم..

مشرع ماء على شط العرب يقع ضمن قيادة الفيلق الثالث. فلا آمر يخشى و لا مأمور يرجى.. النقطة بإدارة شخص واحد من الصنف الطبي يعمل معه مشغل من هندسة ميدان الفرقة مسؤول عن أجهزة ضخ الماء و صيانتها..

أمضيت أشهر بعد عناء سنوات و معارك كبرى خاضها الفيلق كانت فرقتنا الخامسة - محمد القاسم ـ لولب هذه المعارك من سانوبا شمالا إلى الفاو جنوبا.. معارك - تحرير - محسومة سلفا بمعونة الغاز (الضاحك) أقل ما يمكن أن يعود علينا به من غنائمها  الراتب الإضافي أو الاستبسال بـ رتبة أعلى..

فقدنا بالوقت الضائع أصدقاء بعضهم بنيران صديقة.. وبعضهم مجهول القاتل طعنا بالحراب.. لكن إرهاصات موافقة (الخميني) على قرار مجلس الأمن ٥٩٨ يبعث الأمل على نهاية معركة كما أرادت إرادة الدول العظمى ( لا غالب و لا مغلوب)

جليسي الدائم.. راديو صغير و نافذتي  على العالم أدمنت سماع برامج معينة من محطات محددة فالتشويش بتقنية (الفقاعات الصوتية) لم تترك الا إذاعات بغداد و صوت الجماهير و إذاعة الكويت و هنا لندن و مونتي كارلو..اما غيرها يمكن أن يؤدي استراق سمعها لعقوبة الإعدام..

بعد عشاء... ٨/٨/١٩٨٨

سمعت.. أصوات الرمي الخفيف بكثافة غير معهودة.. فعدت لنديمي (الراديو) ليخبرني بموافقة المرحوم (الخميني) على قرار مجلس الامن ٥٩٨ القاضي بوقف إطلاق النار..

أديت صلاة الشكر.. و حمدت الله اني رأيت نهاية من قصرت أعمارهم دون بلوغ هذا اليوم.. و تذكرت العشرات من اقاربي و أصدقائي الذين افنتهم عجلات الموت المنوعة ارضاءا لهوس القائد فلا جزر للإمارات تحررت و لا سيادة على شط العرب تحققت.. مقابل جيوش من الأرامل و الثكالى و أفواج من الأيتام.. و عدنا لاتفاقية الجزائر ١٩٧٥..

و لم يستمر شهر عسلي  سنتين بجنتي الصغيرة (خرخرة) عندما قرر القائد استعادة الفرع فـ أكلنا خره...

٨ آب ٢٠٢٠