الخير في الناس مصنوع إذا جبروا ..... والشر في الناس لا يفنى وان قبروا
واكثر الناس آلات تحركها . ............ أصابع الدهر يوما ثم تنكسر
فلا تقولن هذا عالم علم ... .............. ولا تقولن ذاك السيد الوقر
فأفضل الناس قطعان يسير بها .............. صوت الرعاة ومن لم يمش يندثر
ليس في الغابات راع .. .......... لا ولا فيها القطيع
فالشتا يمشي ولكن ... ............ لا يجاريه الربيع
خلق الناس عبيدا ...... .. .......... للذي يأبا الخضوع
فإذا ما هب يوما ........... ....... سائرا سار الجميع
أعطني الناي وغن ......... .. ..... فالغنا يرعى العقول
وأنيني الناي أبقى .................. . من مجيد وذليل
وما الحياة سوى نوم تراوده ....... .......أحلام من بمراد النفس يأتمر
والسر في النفس حزن النفس يستره ...... فان تولى فبالأفراح يستتر
والسر في العيش رغد العيش يحجبه . ..... فان أزيل تولى حجبه الكدر
فان ترفعت عن رغد وعن كدر ........... جاورت ظل الذي حارت به الفكر
ليس في الغابات حزن .... ............ لا ولا فيها الهموم
فإذا هب نسيم .............. .......... لم تجئ معه السموم
وغيوم النفس تبدو ... ..... ............ من ثناياها النجوم
أعطني الناي وغن .......... .......... فالغنا يمحو المحن
وانين الناي يبقى .............. ........ بعد أن يفنى الزمن
وقل في الأرض من يرضى الحياة كما ...... تأتيه عفوا ولم يحكم به الضجر
لذاك قد حولوا نهر الحياة إلى ..... ..... أكواب وهم إذا طافوا بها خدروا
فالناس أن شربوا سروا كأنهم .......... رهن الهوى وعلى التخدير قد فطروا
فذا يعربد أن صلى وذاك إذا .. ............ أثرى وذلك بالأحلام يختمر
فالأرض خمارة والدهر صاحبها ....... وليس يرضى بها غير الألي سكروا
فإن رأيت أخا صحوا فقل عجبا! .. ....... هل استظل بغيم ممطر قمر؟
ليس في الغابات سكر .................. من مدام أو خيال
فالسواقي ليس فيها .................... غير إكسير الغمام
إنما التخدير ثدي ...... .................... وحليب للأنام
فإذا شاخوا وماتوا ....................... بلغوا سن الفطام
اعطني الناي وغن ................... فالغنا خير الشراب
وانين الناي يبقى ................... بعد أن تفنى الهضاب
والدين في الناس حقل ليس يزرعه . ....... غير الألي لهم في زرعه وطر
من آمل بنعيم الخلد مبتشر ......... ....... ومن جهول يخاف النار تستعر
فالقوم لولا عقاب البعث ما عبدوا ......... ربا ولولا الثواب المرتجى كفروا
كأنما الدين ضرب من متاجرهم ........ أن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا
ليس في الغابات دين .... ............. لا ولا الكفر القبيح
فإذا البلبل غنى ....... ............... لم يقل هذا الصحيح
أن دين الناس يأتي ....... ........... مثل ظل ويروح
لم يقم في الأرض دين .......... ..... بعد طه والمسيح
أعطني الناي وغن ............ .. فالغنا خير الصلاة
وانين الناي يبقى ... ............. بعد أن تفنى الحياة
والعدل في الأرض يبكي الجن لو سمعوا .به ويستضحك الأموات لو نظروا
فالسجن والموت للجانين أن صغروا ...... والمجد والفخر والإثراء أن كبروا
فسارق الزهر مذموم ومحتقر . ..... وسارق الحقل يدعى الباسل الخطر
وقاتل الجسم مقتول بفعلته ... ....... وقاتل الروح لا تدري به البشر
ليس في الغابات عدل ..... ......... لا ولا فيها العقاب
فإذا الصفصاف ألقى ..... .......... ظله فوق التراب
لا يقول السرو هذي ........ ....... بدعة ضد الكتاب
أن عدل الناس ثلج ......... ....... أن رأته الشمس ذاب
أعطني الناي وغن ............ .... فالغنا عدل القلوب
وأنيني الناي يبقى ......... ........ بعد أن تفنى الذنوب
والحق للعزم، والأرواح أن قويت .... .. سادت وان ضعفت حلت بها الغير
ففي العرينة ريح ليس يقربه ... ........ بنو الثعالب غاب الأسد أم حضروا
وفي الزرازير جبن وهي طائرة . ...... وفي البزاة شموخ وهي تحتضر
والعزم في الروح حق ليس ينكره ... .. عزم السواعد شاء الناس أم نكروا
فان رأيت ضعيفا سائدا فعلى .. ......... قوم إذا ما رأوا أشباههم نفروا
ليس في الغابات عزم ..... ..... لا ولا فيها الضعيف
فإذا ما الأسد صاحت ... ........ لم تقل هذا المخيف
أن عزم الناس ظل ...... ...... في فضا الفكر يطوف
وحقوق الناس تبلى ... ......... مثل أوراق الخريف
أعطني الناي وغن ... .......... فالغنا عزم النفوس
وانين الناي يبقى . ............. بعد أن تفنى الشموس
والعلم في الناس سبل بان أولها ....... أما أواخرها فالدهر والقدر
وأفضل العلم حلم أن ظفرت به .. ..... وسرت ما بين أبناء الكرى سخروا
فان رأيت أخا الأحلام منفردا . ........ عن قومه وهو منبوذ ومحتقر
فهو النبي وبرد الغد يحجبه .. ........ عن أمة برداء الأمس تأتزر
وهو الغريب عن الدنيا وساكنها .... ... وهو المجاهر لام الناس أو عذروا
وهو الشديد وان أبدى ملاينة ........ ... وهو البعيد تدانى الناس أم هجروا
ليس في الغابات علم ........... لا ولا فيها الجهول
فإذا الأغصان مالت . ... ........ لم تقل هذا الجليل
أن علم الناس طراً ... ..... ..... كضباب في الحقول
فإذا الشمس أطلت ... ..... ..... من ورا الأفق يزول
أعطني الناي وغن ... . ...... فالغنا خير العلوم
وأنين الناي يبقى .......... .. بعد أن تطفى النجوم
والحر في الأرض يبني من منازعه .. ..... سجنا له وهو لا يدري فيؤتسر
فان تحرر من أبناء بجدته ..... ............ يظل عبدا لمن يهوى ويفتكر
فهو الأريب ولكن في تصلبه ...... ........ حتى وللحق بطل بل هو البطر
وهو الطليق ولكن في تسرعه ....... ....... حتى إلى أوج مجد خالد صغر
ليس في الغابات حر ..... ....... لا ولا العبد الذميم
إنما الأمجاد سخف ... .......... وفقاقيع تعوم
فإذا ما اللوز ألقى ....... ......... زهره فوق الهشيم
لم يقل هذا حقير ........ ......... وأنا المولى الكريم
أعطني الناي وغن ... ......... فالغنا مجد أثيل
وانين الناي أبقى ...... ........ من زنيم وجليل
واللطف في الناس أصداف وان نعمت ... أضلاعها لم تكن في جوفها الدرر
فمن خبيث له نفسان: واحدة .......... .. من العجين وأخرى دونها الحجر
ومن خفيف ومن مستأنث خنث ....... تكاد تدمي ثنايا ثوبه الإبر
واللطف للنذل درع يستجير به .... .... أن راعه وجل أو هاله الخطر
فان لقيت قويا لينا فبه ................ . لأعين قد فقدت أبصارها البصر
ليس في الغاب لطيف ... ...... لينه لين الجبان
فغصون البان تعلوا ....... .... في جوار السنديان
وإذا الطاووس أعطي .. ....... حلة كالأرجوان
فهو لا يدري أحسن ..... ...... فيه أم فيه افتتان
أعطني الناي وغن .. ....... فالغنا لطف الوديع
وأنيني الناي أبقى ...... .... من ضعيف وضليع
والظرف في الناس تمويه وأبغضه ...... ظرف الألي في فنون الإقتدا مهروا
من معجب بأمور وهو يجهلها ... ........ وليس فيها له نفع ولا ضرر
ومن عتي يرى في نفسه ملكا ....... ..... في صوتها نغم في لفظها سور
ومن شموخ غدت مرآته فلكا .... ......... وظله قمرا يزهو ويزدهر
ليس في الغاب ظريف ........... ظرفه ضعف الضئيل
فالضبا وهي عليل ...... ........... ما بها سقم العليل
أن بالأنهار طعما ..... ......... مثل طعم السلسبيل
وبها هول وعزم ......... ..... يجرف الصلد الثقيل
أعطني الناي وغن ....... ....... فالغنا ظرف الظريف
وأنين الناي أبقى .... ............ من رقيق وكثيف
والحب في الناس أشكال وأكثرها . ..... كالعشب في الحقل لا زهر ولا ثمر
وأكثر الحب مثل الراح أيسره .. ....... يرضي وأكثره للمدمن الخطر
وان الحب أن قادت الأجسام موكبه . ..... إلى فراش من الأغراض ينتحر
كأنه ملك في الأسر معتقل ........ ....... يأبى الحياة وأعوان له غدروا
ليس في الغاب خليع .. ...... يدعي نبل الغرام
فإذا الثيران خارت . ........... لم تقل هذا الهيام
أن حب الناس داء ......... .... بين لحم وعظام
فإذا ولى شباب ....... ......... يختفي ذاك السقام
أعطني الناي وغن ...... ...... فالغنا حب صحيح
وأنين الناي أبقى ...... ........ من جميل ومليح
فان لقيت محبا هائما كلفا ............. ...... في جوعه شبع في ورده الصدر
والناس قالوا هو المجنون ماذا عسى .... يبغى من الحب أو يرجو فيصطبر؟
أفي هوى تلك يستدمي محاجره ... ....... وليس في تلك ما يحلوا ويعتبر!
فقل هم البهم ماتوا قبلما ولدوا ........... أنى دروا كنه من يحيى وما اختبروا
ليس في الغابات عذل . ........ لا ولا فيها الرقيب
فإذا الغزلان جنت ...... ..... إذ ترى وجه المغيب
لا يقول النسر واها ..... ..... أن ذا شيء عجيب
إنما العاقل يدعى .......... .. عندنا الأمر الغريب
أعطني الناي وغن ......... .. فالغنا خير الجنون
وأنيني الناي أبقى ....... ..... من حصيف ورصين
وقل نسينا فخار الفاتحين وما .... .... ننسى المجانين حتى يغمر الغمر
قد كان في قلب ذي القرنين مجزرة .. ... وفي حشاشة قيس هيكل وقر
ففي انتصارات هذا غلبة خفيت ... ...... وفي انكسارات هذا الفوز والظفر
والحب في الروح لا في الجسم نعرفه . ... كالخمر للوحي لا للسكر ينعصر
ليس في الغابات ذكر ... .... غير ذكر العاشقين
فالألي سادوا ومادوا . ....... وطغوا بالعالمين
أصبحوا مثل حروف ....... . في أسامي المجرمين
فالهوى الفضاح يدعى .. ...... عندنا الفتح المبين
أعطني الناي وغن ...... ..... وانس ظلم الأقوياء
إنما الزنبق كأس ... ......... للندى لا للدماء
وما السعادة في الدنيا سوى شبح ... .. يرجى فأن صار جسما مله البشر
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحا ....... حتى إذا جاءه يبطي ويعتكر
لم يسعد الناس إلا في تشوقهم ...... .... .. إلى المنيع فإن صاروا به فتروا
فان لقيت سعيدا وهو منصرف .... ...... عن المنيع فقل في خلقه العبر
ليس في الغاب رجاء ... . ...... لا ولا فيها الملل
كيف يرجوا الغاب جزءا .... .... وعلى الكل حصل؟
وبما السعي بغاب ..... ...... أملا وهو الأمل؟
إنما العيش رجاء ..... ...... إحدى هاتيك العلل
أعطني الناي وغن ........ ... فالغنا نار ونور
وانين الناي شوق ............ . لا يدانيه الفتور
وغاية الروح طي الروح قد خفيت . ....... فلا المظاهر تبديها ولا الصور
فذا يقول هي الأرواح أن بلغت ... ........ حد الكمال تلاشت وانقضى الخبر
كأنما هي أثمار إذا نضجت ... ....... .... ومرت الريح يوما عافها الشجر
وذا يقول هي الأجسام أن هجعت .. ....... لم يبق في الروح تهويم ولا سمر
كأنما هي ظل في الغدير إذا ....... ....... تعكر الماء ولت وامحى الأثر
ظل الجميع فلا الذرات في جسد .......... تثوى ولا هي في الأرواح تحتضر
فما طوت شمأل أذيال عاقلة ... ............ إلا ومر بها الشرقي فتنتشر
لم أجد في الغاب فرقا .... ...... بين نفس وجسد
فالهوا ماء تهادى ... ........... والندى ماء ركد
والشذى زهر تمادى ........ .... والثرى زهر جمد
وظلال الحور حور .... ........ ظن ليلا فرقد
أعطني الناي وغن .... ....... فالغنا جسم وروح
وأنيني الناي أبقى ... .......... من غبوق وصبوح
والجسم للروح رحم تستكن به ... ...... حتى البلوغ فتستعلي وينغمر
فهي الجنين وما يوم الحمام سوى . ...... عهد المخاض فلا سقط ولا عسر
لكن في الناس أشباحا يلازمها . .......... عقم القسي التي ما شدها وتر
فهي الدخيلة والأرواح ما ولدت .. ......... من القفيل ولم يحبل بها المدر
وكم على الأرض من نبت بلا أرج ... ..... وكم علا الأفق غيم ما به مطر
ليس في الغاب عقيم . ............. لا ولا فيها الدخيل
أن في التمر نواة .............. .... حفظت سر النخيل
وبقرص الشهد رمز .... ............ عن قفير وحقول
إنما العاقر لفظ .................. صيغ من معنى الخمول
أعطني الناي وغن ............. ... فالغنا جسم يسيل
وأنين الناي أبقى ......... ...... من مسوخ ونغول
والموت في الأرض لابن الأرض خاتمة ...... وللأثيري فهو البدء والظفر
فمن يعانق في أحلامه سحرا . ...... ....... سيبقى ومن نام كل الليل يندثر
ومن يلازم تربا حال يقظته . ........ ..... يعانق الترب حتى تخمد الزهر
فالموت كالبحر، من خفت عناصره .... .. ...... يجتازه، وأخو الأثقال ينحدر
ليس في الغابات موت ... ....... لا ولا فيها القبور
فإذا نيسان ولى ............. .... لم يمت معه السرور
أن هول الموت وهم .. .......... ينثني طي الصدور
فالذي عاش ربيعا ....... ....... كالذي عاش الدهور
أعطني الناي وغن .... ........ فالغنا سر الخلود
وأنين الناي يبقى ....... ....... بعد أن يفنى الوجود
أعطني الناي وغن ..... ....... وانس ما قلت وقلتا
إنما النطق هباء ..... .......... فأفدني ما فعلتا
هل تخذت الغاب مثلي ..... ... منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي ......... ...... وتسلقت الصخور؟
هل تحممت بعطر .... ........ وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرا ... ...... في كؤوس من أثير؟
هل جلست العصر مثلي ........ ... بين جفنات العنب
والعناقيد تدلت ..... ...... كثريات الذهب
هي للصادي عيون ..... ..... ولمن جاع الطعام
وهي شهد وهي عطر ...... .. ولمن شاء المدام
هل فرشت العشب ليلا .... . ..... وتلحفت الفضا
زاهدا في ما سيأتي ...... ....... ناسيا ما قد مضى؟
وسكوت الليل بحر .......... .. موجه في مسمعك
وبصدر الليل قلب ........ . ..... خافق في مضجعك
أعطني الناي وغن ..... ........ وانس داء ودواء
إنما الناس سطور ...... ........ كتبت لكن بماء
ليت شعري أي نفع . .......... في اجتماع وزحام
وجدال وضجيج ....... ....... واحتجاج وخصام؟
كلها أنفاق خلد ...... ......... وخيوط العنكبوت
فالذي يحيا بعجز ....... ...... فهو في بطء يموت
العيش في الغاب والأيام لو نظمت .......... في قبضتي لغدت في الغاب تنثر
لكن هو الدهر في نفسي له أرب .... ........ فكلما رمت غابا قام يعتذر
وللتقادير سبل لا تغيرها ...... ... والناس في عجزهم عن قصدهم قصروا
أن عدل الناس ثلج ......... ....... أن رأته الشمس ذاب
أعطني الناي وغن ............ .... فالغنا عدل القلوب
وأنيني الناي يبقى ......... ........ بعد أن تفنى الذنوب
والحق للعزم، والأرواح أن قويت .... .. سادت وان ضعفت حلت بها الغير
ففي العرينة ريح ليس يقربه ... ........ بنو الثعالب غاب الأسد أم حضروا
وفي الزرازير جبن وهي طائرة . ...... وفي البزاة شموخ وهي تحتضر
والعزم في الروح حق ليس ينكره ... .. عزم السواعد شاء الناس أم نكروا
فان رأيت ضعيفا سائدا فعلى .. ......... قوم إذا ما رأوا أشباههم نفروا
ليس في الغابات عزم ..... ..... لا ولا فيها الضعيف
فإذا ما الأسد صاحت ... ........ لم تقل هذا المخيف
أن عزم الناس ظل ...... ...... في فضا الفكر يطوف
وحقوق الناس تبلى ... ......... مثل أوراق الخريف
أعطني الناي وغن ... .......... فالغنا عزم النفوس
وانين الناي يبقى . ............. بعد أن تفنى الشموس
والعلم في الناس سبل بان أولها ....... أما أواخرها فالدهر والقدر
وأفضل العلم حلم أن ظفرت به .. ..... وسرت ما بين أبناء الكرى سخروا
فان رأيت أخا الأحلام منفردا . ........ عن قومه وهو منبوذ ومحتقر
فهو النبي وبرد الغد يحجبه .. ........ عن أمة برداء الأمس تأتزر
وهو الغريب عن الدنيا وساكنها .... ... وهو المجاهر لام الناس أو عذروا
وهو الشديد وان أبدى ملاينة ........ ... وهو البعيد تدانى الناس أم هجروا
ليس في الغابات علم ........... لا ولا فيها الجهول
فإذا الأغصان مالت . ... ........ لم تقل هذا الجليل
أن علم الناس طراً ... ..... ..... كضباب في الحقول
فإذا الشمس أطلت ... ..... ..... من ورا الأفق يزول
أعطني الناي وغن ... . ...... فالغنا خير العلوم
وأنين الناي يبقى .......... .. بعد أن تطفى النجوم
والحر في الأرض يبني من منازعه .. ..... سجنا له وهو لا يدري فيؤتسر
فان تحرر من أبناء بجدته ..... ............ يظل عبدا لمن يهوى ويفتكر
فهو الأريب ولكن في تصلبه ...... ........ حتى وللحق بطل بل هو البطر
وهو الطليق ولكن في تسرعه ....... ....... حتى إلى أوج مجد خالد صغر
ليس في الغابات حر ..... ....... لا ولا العبد الذميم
إنما الأمجاد سخف ... .......... وفقاقيع تعوم
فإذا ما اللوز ألقى ....... ......... زهره فوق الهشيم
لم يقل هذا حقير ........ ......... وأنا المولى الكريم
أعطني الناي وغن ... ......... فالغنا مجد أثيل
وانين الناي أبقى ...... ........ من زنيم وجليل
واللطف في الناس أصداف وان نعمت ... أضلاعها لم تكن في جوفها الدرر
فمن خبيث له نفسان: واحدة .......... .. من العجين وأخرى دونها الحجر
ومن خفيف ومن مستأنث خنث ....... تكاد تدمي ثنايا ثوبه الإبر
واللطف للنذل درع يستجير به .... .... أن راعه وجل أو هاله الخطر
فان لقيت قويا لينا فبه ................ . لأعين قد فقدت أبصارها البصر
ليس في الغاب لطيف ... ...... لينه لين الجبان
فغصون البان تعلوا ....... .... في جوار السنديان
وإذا الطاووس أعطي .. ....... حلة كالأرجوان
فهو لا يدري أحسن ..... ...... فيه أم فيه افتتان
أعطني الناي وغن .. ....... فالغنا لطف الوديع
وأنيني الناي أبقى ...... .... من ضعيف وضليع
والظرف في الناس تمويه وأبغضه ...... ظرف الألي في فنون الإقتدا مهروا
من معجب بأمور وهو يجهلها ... ........ وليس فيها له نفع ولا ضرر
ومن عتي يرى في نفسه ملكا ....... ..... في صوتها نغم في لفظها سور
ومن شموخ غدت مرآته فلكا .... ......... وظله قمرا يزهو ويزدهر
ليس في الغاب ظريف ........... ظرفه ضعف الضئيل
فالضبا وهي عليل ...... ........... ما بها سقم العليل
أن بالأنهار طعما ..... ......... مثل طعم السلسبيل
وبها هول وعزم ......... ..... يجرف الصلد الثقيل
أعطني الناي وغن ....... ....... فالغنا ظرف الظريف
وأنين الناي أبقى .... ............ من رقيق وكثيف
والحب في الناس أشكال وأكثرها . ..... كالعشب في الحقل لا زهر ولا ثمر
وأكثر الحب مثل الراح أيسره .. ....... يرضي وأكثره للمدمن الخطر
وان الحب أن قادت الأجسام موكبه . ..... إلى فراش من الأغراض ينتحر
كأنه ملك في الأسر معتقل ........ ....... يأبى الحياة وأعوان له غدروا
ليس في الغاب خليع .. ...... يدعي نبل الغرام
فإذا الثيران خارت . ........... لم تقل هذا الهيام
أن حب الناس داء ......... .... بين لحم وعظام
فإذا ولى شباب ....... ......... يختفي ذاك السقام
أعطني الناي وغن ...... ...... فالغنا حب صحيح
وأنين الناي أبقى ...... ........ من جميل ومليح
فان لقيت محبا هائما كلفا ............. ...... في جوعه شبع في ورده الصدر
والناس قالوا هو المجنون ماذا عسى .... يبغى من الحب أو يرجو فيصطبر؟
أفي هوى تلك يستدمي محاجره ... ....... وليس في تلك ما يحلوا ويعتبر!
فقل هم البهم ماتوا قبلما ولدوا ........... أنى دروا كنه من يحيى وما اختبروا
ليس في الغابات عذل . ........ لا ولا فيها الرقيب
فإذا الغزلان جنت ...... ..... إذ ترى وجه المغيب
لا يقول النسر واها ..... ..... أن ذا شيء عجيب
إنما العاقل يدعى .......... .. عندنا الأمر الغريب
أعطني الناي وغن ......... .. فالغنا خير الجنون
وأنيني الناي أبقى ....... ..... من حصيف ورصين
وقل نسينا فخار الفاتحين وما .... .... ننسى المجانين حتى يغمر الغمر
قد كان في قلب ذي القرنين مجزرة .. ... وفي حشاشة قيس هيكل وقر
ففي انتصارات هذا غلبة خفيت ... ...... وفي انكسارات هذا الفوز والظفر
والحب في الروح لا في الجسم نعرفه . ... كالخمر للوحي لا للسكر ينعصر
ليس في الغابات ذكر ... .... غير ذكر العاشقين
فالألي سادوا ومادوا . ....... وطغوا بالعالمين
أصبحوا مثل حروف ....... . في أسامي المجرمين
فالهوى الفضاح يدعى .. ...... عندنا الفتح المبين
أعطني الناي وغن ...... ..... وانس ظلم الأقوياء
إنما الزنبق كأس ... ......... للندى لا للدماء
وما السعادة في الدنيا سوى شبح ... .. يرجى فأن صار جسما مله البشر
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحا ....... حتى إذا جاءه يبطي ويعتكر
لم يسعد الناس إلا في تشوقهم ...... .... .. إلى المنيع فإن صاروا به فتروا
فان لقيت سعيدا وهو منصرف .... ...... عن المنيع فقل في خلقه العبر
ليس في الغاب رجاء ... . ...... لا ولا فيها الملل
كيف يرجوا الغاب جزءا .... .... وعلى الكل حصل؟
وبما السعي بغاب ..... ...... أملا وهو الأمل؟
إنما العيش رجاء ..... ...... إحدى هاتيك العلل
أعطني الناي وغن ........ ... فالغنا نار ونور
وانين الناي شوق ............ . لا يدانيه الفتور
وغاية الروح طي الروح قد خفيت . ....... فلا المظاهر تبديها ولا الصور
فذا يقول هي الأرواح أن بلغت ... ........ حد الكمال تلاشت وانقضى الخبر
كأنما هي أثمار إذا نضجت ... ....... .... ومرت الريح يوما عافها الشجر
وذا يقول هي الأجسام أن هجعت .. ....... لم يبق في الروح تهويم ولا سمر
كأنما هي ظل في الغدير إذا ....... ....... تعكر الماء ولت وامحى الأثر
ظل الجميع فلا الذرات في جسد .......... تثوى ولا هي في الأرواح تحتضر
فما طوت شمأل أذيال عاقلة ... ............ إلا ومر بها الشرقي فتنتشر
لم أجد في الغاب فرقا .... ...... بين نفس وجسد
فالهوا ماء تهادى ... ........... والندى ماء ركد
والشذى زهر تمادى ........ .... والثرى زهر جمد
وظلال الحور حور .... ........ ظن ليلا فرقد
أعطني الناي وغن .... ....... فالغنا جسم وروح
وأنيني الناي أبقى ... .......... من غبوق وصبوح
والجسم للروح رحم تستكن به ... ...... حتى البلوغ فتستعلي وينغمر
فهي الجنين وما يوم الحمام سوى . ...... عهد المخاض فلا سقط ولا عسر
لكن في الناس أشباحا يلازمها . .......... عقم القسي التي ما شدها وتر
فهي الدخيلة والأرواح ما ولدت .. ......... من القفيل ولم يحبل بها المدر
وكم على الأرض من نبت بلا أرج ... ..... وكم علا الأفق غيم ما به مطر
ليس في الغاب عقيم . ............. لا ولا فيها الدخيل
أن في التمر نواة .............. .... حفظت سر النخيل
وبقرص الشهد رمز .... ............ عن قفير وحقول
إنما العاقر لفظ .................. صيغ من معنى الخمول
أعطني الناي وغن ............. ... فالغنا جسم يسيل
وأنين الناي أبقى ......... ...... من مسوخ ونغول
والموت في الأرض لابن الأرض خاتمة ...... وللأثيري فهو البدء والظفر
فمن يعانق في أحلامه سحرا . ...... ....... سيبقى ومن نام كل الليل يندثر
ومن يلازم تربا حال يقظته . ........ ..... يعانق الترب حتى تخمد الزهر
فالموت كالبحر، من خفت عناصره .... .. ...... يجتازه، وأخو الأثقال ينحدر
ليس في الغابات موت ... ....... لا ولا فيها القبور
فإذا نيسان ولى ............. .... لم يمت معه السرور
أن هول الموت وهم .. .......... ينثني طي الصدور
فالذي عاش ربيعا ....... ....... كالذي عاش الدهور
أعطني الناي وغن .... ........ فالغنا سر الخلود
وأنين الناي يبقى ....... ....... بعد أن يفنى الوجود
أعطني الناي وغن ..... ....... وانس ما قلت وقلتا
إنما النطق هباء ..... .......... فأفدني ما فعلتا
هل تخذت الغاب مثلي ..... ... منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي ......... ...... وتسلقت الصخور؟
هل تحممت بعطر .... ........ وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرا ... ...... في كؤوس من أثير؟
هل جلست العصر مثلي ........ ... بين جفنات العنب
والعناقيد تدلت ..... ...... كثريات الذهب
هي للصادي عيون ..... ..... ولمن جاع الطعام
وهي شهد وهي عطر ...... .. ولمن شاء المدام
هل فرشت العشب ليلا .... . ..... وتلحفت الفضا
زاهدا في ما سيأتي ...... ....... ناسيا ما قد مضى؟
وسكوت الليل بحر .......... .. موجه في مسمعك
وبصدر الليل قلب ........ . ..... خافق في مضجعك
أعطني الناي وغن ..... ........ وانس داء ودواء
إنما الناس سطور ...... ........ كتبت لكن بماء
ليت شعري أي نفع . .......... في اجتماع وزحام
وجدال وضجيج ....... ....... واحتجاج وخصام؟
كلها أنفاق خلد ...... ......... وخيوط العنكبوت
فالذي يحيا بعجز ....... ...... فهو في بطء يموت
العيش في الغاب والأيام لو نظمت .......... في قبضتي لغدت في الغاب تنثر
لكن هو الدهر في نفسي له أرب .... ........ فكلما رمت غابا قام يعتذر
وللتقادير سبل لا تغيرها ...... ... والناس في عجزهم عن قصدهم قصروا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق